مقدمات وملاحق أشهر الكتب العالمية المترجمة في النقد النصي: الكتاب الثاني

تقدمة:

من عادة كبار علماء وخبراء النقد النصي للعهد الجديد أن يكتبوا مقدمة موجزة قبل البدء في مؤلفاتهم عن التعليقات النصية والأدوات النقدية لنصوص كتب العهد الجديد، وفي نهاية المؤلف يكتبون بعض الملاحق الهامة. والمطالع لتلك المقدمات والملاحق، يكتشف أنها تحوي عصارة المعلومات التي تلزم الباحث والدارس لعلم النقد النصي للعهد الجديد وأنها تغنيه عن قراءة العديد من المؤلفات المطولة في هذا العلم وتمده برؤيا واضحة لذلك العلم الذي هو بصدد الخوض فيه. ونرى أنه من الضروري لمن أراد الاهتمام بهذا العلم ألا تفوته قراءة هذه المقدمات.

الكتاب الثاني: “التعليق النصي على العهد الجديد باليونانية”

الكتاب الثاني هو Textual Commentary on the Greek New Testament (1971)”” “التعليق النصي على العهد الجديد باليونانية” تأليف البروفيسور “بروس متزجر” “Bruce M. Metzger”. وفيه يوضح المؤلف كيف نشأت القراءات المختلفة ودوافع ذلك، وأنها اتخذت صفات محلية متأثرة بالموقع والكنيسة التي رعت تلك النصوص، مما أدى إلى ظهور أنواع نصية مختلفة. وقد أوضح المؤلف أوصاف تلك الأنواع النصية، وأسماء المخطوطات التي حوت كل نوع.

التعريف بالمؤلف

(بروس متزجر) أستاذ فخري في مدرسة برنستون اللاهوتية ومحرر للكتاب المقدس في هيئة جمعية الكتاب المقدس الأمريكية. وكان من علماء اللغة اليونانية والعهد الجديد والعهد القديم، وكتب عن هذه المواضيع بغزارة، وغالبا ما يستخدم النقد الأعلى الذي يحاول تفسير أصل الكتاب المقدس التاريخي والأدبي. أشرف على مراجعة ترجمة النسخة المعيارية المحسنة (RSV) لينتج -بالإضافة إلى مجموعة من العلماء- ما يعرف باسم النسخة المعيارية المحسنة الجديدة.

درس على يديه العديد من علماء المسيحية، والكتاب المقدس المشهورين خلال سنيه الست والأربعين في المجال الأكاديمي، ومنهم على سبيل المثال: بارت إيرمان

بروس متزجر

ترجمة مقدمة كتاب “التعليق النصي على العهد الجديد اليوناني” لبروس متزجر

التعليق النصي على العهد الجديد اليوناني

بروس متزجر

** المقدمة

* تستهدف معظم التعليقات على الكتاب المقدس أن توضح معنى الكلمات والعبارات والأفكار للنص الكتابي في أقرب وأوسع سياق. لكن، “التعليق النصي” أو “النقد النصي” معني بهذا السؤال الآتي: وهو، ما هو النص الأصلي للفقرة؟ لأن ذلك السؤال هو ما يجب أن يُسال، وأن يُجاب عنه، فقبل أن يفسر أحد معنى النص يكون أمامه ملابستان هما:

– لا يوجد اليوم أي من الوثائق الأصلية للكتاب المقدس.

– النسخ المنسوخة الموجودة تختلف عن بعضها البعض.

* على الرغم من وجود عدد الكبير من التعليقات العامة والمتخصصة على كتب العهد الجديد إلا أن القليل منها تعامل بشكل ملائم مع المشكلات النصية. في الواقع ليس هناك أحد تعامل بشكل شامل مع العهد الجديد بأكمله، وتلك التعليقات التي تضمنت أكمل النقاشات كانت قد كُتبت أثناء القرن الماضي، وهي بالطبع، منتهية الصلاحية اليوم بشكل جدي. ومن ضمن الأعمال التي كُرست خصيصا للمشكلات النصية خلال القرن التاسع عشر، هو تعليق رينك Rinck”” على أعمال الرسل والرسائل، والثلاثة مجلدات لـ ريش “Reiche” على رسائل بولس “Pauline” والرسائل الكاثوليكية. وهناك عمل ليس شاملا لدرجة كبيرة لكنه

———————————-

ص2

معروف على نطاق أوسع وهو “ملاحظات على قراءات منتقاة” والموجودة في المجلد الثاني بعنوان المقدمة والملحق لكتاب ويستكوت وهورت”Westcott”   وHort”” والمسمى “العهد الجديد في النص اليوناني الأصلي”

“The New Testament in the Original Greek” (كمبريدج ولندن 1881). فقرابة 425 فقرة قد أُخذت في الاعتبار في هذه الملاحظات بعضها تضمن مناقشات طويلة وهي التي ظلت ذات قيمة بشكل دائم، بينما اكتفت الأخرى بمجرد اقتباس من الشاهد بدون تعليق. ولقد احتوت الطبعة الثانية للمجلد (1896) على 50 ملاحظة إضافية تقريبا، أُعدت بواسطة بيركيت “F. C. Burkitt”استنادا إلى المخطوطة السينائية السريانية للأناجيل المكتشفة حديثا. ومع نهاية القرن 19، أصدر ميلر “Edward Miller” وهو تلميذ تابع لـ بيرجون “Dean J. W. Burgon”، الجزء الأول من “التعليق النصي على الأناجيل المقدسة” (لندن-1899)

“Textual Commentary upon the Holy Gospels” شاملا الأربعة عشر إصحاحا الأولى للإنجيل وفقا لـ متى، وهذا العمل على أيه حال قد أُخطأ في تسميته، فبدلا من أن يكون “تعليقا” بالمعنى المألوف للكلمة، لم يتضمن أي شيء أكثر من أداة نقدية للقراءات المختلفة.

* لقد شهد القرن العشرون النشر لرسالة الدكتوراه لـ زوان”Zwaan”  والتي خصصت للمشكلات النصية لرسالة بطرس الثانية ويهوذا “2Peter and Jude” وتحليلات تيرنر (Turner) المفصلة لـ “استعمالات مرقص، والتي بلغت ذروتها في “التعليق النصي على مرقس1”. والأكثر حداثة هو ما قدمه تاسكر “R. V. G. Tasker” من حوالى 270 ملحوظة مختصرة في “ملاحظات على القراءات المختلفة” في الملحق لطبعته “العهد الجديد اليوناني” أوكسفورد وكامبريدجOxford and Cambridge 1964) ) النص الذى يُعتبر يقف وراء “طبعة الكتاب المقدس الانجليزية الجديدة”(NEB) (1961).

* في الصفحات التالية سوف يجد القارئ بيانا مختصرا مفيدا لـ

——————————–

ص3

أولا: تاريخ انتقال نص العهد الجديد

ثانيا: المعايير الرئيسية المستخدمة في الاختيار من بين الشهود المتضاربة للنص

ثالثا: الشهود الرئيسية للعهد الجديد مصنفة بحسب النوع النصي.

* (1) تاريخ الانتقال لنص العهد الجديد

* في الأيام الأولى للكنيسة المسيحية وبعدما أُرسلت الرسالة الرسولية إلى الفرد أو الجماعة أو بعدما كُتب الإنجيل لتلبية احتياجات جمهور قارئ معيّن، كان ينبغي عمل نسخ لكى يمتد تأثير ذلك ويتمكن الآخرون من الاستفادة منها أيضا. ولم يكن هناك مفر من أن تحتوي هذه النسخ اليدوية على عدد كبر أو قل من الاختلافات في صياغة الكلمات عن النص الأصلي. فمعظم الاختلافات نشأت من أسباب عارضة إلى حد ما، مثل الخطأ في حرف أو كلمة التي تبدو شبيهه لأخرى. فلو أن سطرين متجاورين في مخطوطة قد بدءا أو انتهيا بنفس مجموعة الحروف أو إذا وقعت كلمتان متشابهتان بالقرب من بعضهم البعض في نفس السطر، كان من السهل على عين الناسخ أن تقفز من المجموعة الأولى للحروف إلى الثانية وبذلك سيكون جزء من النص قد حذف وهو ما يُسمى (homoeoarcton) “الكلمات ذات البدايات الواحدة” أو (homoeoteleuton) “الكلمات ذات النهايات الواحدة”، وهذا يعتمد على ما إذا كان التشابه في الحروف كان في البداية أو النهاية للكلمات. بالمقابل فربما الناسخ يرجع من المجموعة الثانية إلى المجموعة الأولى وينسخ عن غير قصد كلمة أو أكثر من كلمة مرتين وتُسمى (التكرار بسبب خطأ بصريdittography ). وكذلك الحروف التي نُطقت متشابهة تختلط ببعضها أحيانا وتُسمى (حروف لها نطق متشابه)iotacism) ). فمثل هذه الأخطاء العرضية يكون تقريبا من المستحيل تجنب الوقوع فيها، حينما تُنسخ الفقرات الطويلة باليد وخصوصا قد تكون أكثر احتمالا أن تحدث لو أن الناسخ لديه نظر معيب أو حدث له انقطاع أثناء النسخ أو أنه بسبب الإعياء، كان أقل انتباها لمهمته مما كان ينبغي.

* كما نشأت الاختلافات في صياغة الكلمات من المحاولات المتعمدة للتخفيف من شدة القواعد أو الأسلوب أو لتبديد الغموض الحقيقي أو المتخيل لمعنى النص. وأحيانا قد يستبدل الناسخ أو قد يضيف ما بدا له لكي تكون الكلمة أو النموذج أكثر ملائمة، وربما يكون ذلك مشتق من فقرة مناظرة وتُسمى (مجانسة أو استيعاب)، وهكذا خلال السنوات التي تلت مباشرة تكوين الوثائق العديدة التي

————————————–

ص4

قد جُمعت في النهاية لتُكون العهد الجديد، ظهرت مئات إن لم يكن آلاف من القراءات المختلفة.

ولا تزال هناك أنواع أخرى من الاختلافات التي نشأت عندما تُرجمت نصوص العهد الجديد من اليونانية إلى اللغات الأخرى. فخلال القرنين الثاني والثالث وبعد أن أُدخلت المسيحية إلى سوريا وشمال أفريقيا وإيطاليا وإلى مصر الوسطى والجنوبية، فكلا من الجماعات والأفراد المؤمنين كان لديهم رغبة فطرية في ترجمة الكتاب المقدس إلى لغاتهم الأصلية. ولذلك أُنتجت نسخ بالسريانية واللاتينية وبلهجات قبطية عديدة مستخدمة في مصر. وتبتعهم في القرن الرابع والقرون التالية بنسخ أخرى بالأرمينية والجورجية والأثيوبية والعربية والنوبية في الشرق وفى القوطية والكنيسة السلافية القديمة وبعد ذلك بكثير ظهرت الأنجلو ساكسونية في الغرب.

* لقد كانت الدقة في مثل هذه التراجم ذات صلة مباشرة بعاملين هما،:* الأول: درجة الإلمام التي يمتلكها المترجم في كلتا اللغتين اليونانية واللغة التي تُرجمت إليها * الثاني: هو قدر الاهتمام الذى كرسه المترجم لمهمة عمل الترجمة. ليس من المفاجئ أن يُكتشف اختلافات كبيرة جدا في النسخ الأولية * أولا: عندما قدم أشخاص مختلفين تراجم مختلفة من التي قد تكون أشكالها مختلفة بعض الشيء في نصها اليوناني * ثانيا: عندما نُقلت هذه التراجم في لغة أو أخرى بنسخ مكتوبة بخط اليد من النساخ الذين كانوا على دراية بالاختلاف القليل لشكل النص (سواء كان النص اليوناني المخالف أو الترجمة المخالفة) فقاموا بتعديل النسخ الجديدة، وذلك لكي تتوافق مع ما يعتبرونه الصيغة المفضلة.

* خلال القرون الأولى للتوسع في الكنيسة المسيحية، تطورت تدريجيا ما يسمى بـ “النصوص المحلية” للعهد الجديد. لقد نشأت تجمعات جديدة في وبالقرب من المدن الكبيرة مثل الإسكندرية وأنطاكية والقسطنطينية وقرطاج أو روما وقد زُودت بنسخ الكتاب المقدس (بالشكل القائم لتلك المنطقة) وكلما أنتجت نسخ إضافية فان كلا من عدد القراءات والأداء الخاص بها سوف يُحفظ وإلى حد ما يزداد، لذا في النهاية، في كل موقع معين، نما نوع معين من النص والذي كان لحد ما مميزا لذلك الموقع. واليوم أصبح من الممكن أن تُميز نوع النص المحفوظ فى مخطوطات العهد الجديد من خلال مقارنة قراءاتهم المميزة بمقتطفات من تلك

———————————————

ص5

الفقرات في كتابات آباء الكنيسة الذين عاشوا في أو بالقرب من المراكز الكنسية الرئيسية.

* في الوقت نفسه فقد مال التمييز في النص المحلى الى أن يصبح مخففا ومختلطا بنماذج أخرى للنص. فعلى سبيل المثال إذا نُسخت مخطوطة إنجيل مرقص في الإسكندرية ثم أُخذت بعد ذلك الى روما فكانت بلا شك ستؤثر الى حد ما على نقل النساخ لشكل النص لـ مرقص القائم في روما ذلك الحين. على العموم ومع ذلك فخلال القرون الأولى فان التوجهات لتطوير وحفظ نموذج خاص للنص قد سادت أكثر من التوجهات المؤدية إلى مزج النصوص. ونتيجة لذلك فقد نشأت عدة أنواع مميزة من نص العهد الجديد. والتي من أهمها ما يلي.

* النص السكندري: الذى سماه ويستكوت وهورت (Westcott and Hort) النص المحايد (عنوان مثير للتساؤل) وعادة ما يُعتبر أنه النص الأفضل والأكثر إخلاصا في الحفاظ على النص الأصلي. فخصائص النص السكندري هي الإيجاز والصرامة وهذا يعنى أنه بشكل عام أقصر من نص النماذج الأخرى وهو لا يُبدى درجة من التهذيب القواعدي والأسلوبي التي هي من سمات النموذج البيزنطى للنص. وحتى وقت قريب فقد كان الشاهدان الرئيسيان له هما المخطوطة الفاتيكانية (B) والمخطوطة السينائية (א) وهي المخطوطتان الجلدية التي يعود تأريخها إلى حوالي منتصف القرن الرابع. لكن بعد اكتشاف برديات بودمرBodmer Papyri)) وخصوصا (P66) و (P75) وكلاهما نُسخ في حوالي نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الثالث. أصبح الدليل الآن متوفر على أن النموذج السكندري للنص يعود الى النموذج الأصلي الذي كان يجب أن يُؤرخ في أوائل القرن الثاني. وتحتوي الترجمات الصعيدية والبحيرية كثيرا من القراءات السكندرية النموذجية.

* وهناك ما يُسمى بالنص الغربي: الذى كان جاريا على نطاق واسع في إيطاليا وبلاد الغال وكذلك في شمال أفريقيا وفى أماكن أخرى (بما في ذلك مصر)، هو يمكن أيضا أن يرجع الى القرن الثاني. حيث كان مستخدما بواسطة الآباء ماركيون Marcion وتاتيان Tatian وإيريناوس Irenaeus وترتليان Tertullian وكيبريانوس.Cyprian ووجوده في مصر قد اُثبت بشهادة (P38) في حوالى 300 عام بعد الميلاد و (P48)في حوالى نهاية القرن الثالث. وأهم المخطوطات اليونانية التي قدمت الصيغة الغربية للنص هي مخطوطة بيزا Bezae (D) في القرن الخامس (المشتملة على الأناجيل وأعمال الرسل) ومخطوطة كلارومونتانوس  Claromontanus (D) في القرن السادس ( المشتملة على رسائل بولس) وبالنسبة لمرقص 1: 1 الى 5: 30 هناك مخطوطة واشنطن Washingtonianus (W)  في القرن الخامس. وعلى نفس النمط فان

————————————–

ص6

النسخ اللاتينية القديمة يُعتبرون شهودا بارزين للصيغة الغربية للنص وهؤلاء ينقسمون الى ثلاث مجموعات رئيسية وهي النماذج الإفريقية والإيطالية والإسبانية للنصوص اللاتينية القديمة.

* إن السمة الرئيسية للقراءة الغربية هي الولع بإعادة الصياغة فالكلمات والفقرات وحتى الجمل الكاملة تتغير وتُحذف وتُدرج بحرّية. فأحيانا يبدو الدافع لتكوين مجانسة بينما في أحيان أخرى يكون لإثراء القصة عن طريق إدراج مادة تقليدية أو ملفقة. وتتضمن بعض القراءات على تعديلات تافهة والتي لا يوجد سبب خاص لتعيينها. وتعتبر واحدة من السمات المحيرة للنص الغربي (الذي يكون بشكل عام أطول من الأشكال الأخرى للنص) وهي أنه في نهاية لوقا وفى بضعة أماكن معينة أخرى قليلة في العهد الجديد يقوم الشهود الغربيون بحذف كلمات وعبارات موجودة في أشكال أخرى للنص، بما في ذلك النص السكندري. على الرغم من أنه في نهاية القرن الماضي مال العلماء المحققين الى اعتبار هذه القراءات القصيرة كأصلية ويسميها ويستكوت وهورت (نصوص غربية غير مُقحمة)

(Western non-interpolations) ، ومنذ اقتناء برديات بودمر(Bodmer Papyri)  فالعديد من العلماء اليوم قد مالوا الى اعتبارها كقراءات (زائغة)، انظر الملاحظة عن  (Western Non-Interpolations) ص (164-166).

* المشكلات التي أثارها النص الغربي أصبحت في كتاب أعمال الرسل أكثر حدة. حيث أن النص الغربي في أعمال الرسل أطول بمقدار عشرة بالمائة تقريبا من الشكل الذي عادة ما يٌعتبر أن يكون النص الأصلي لذلك الكتاب. ولهذا السبب يخصص المجلد الحالي مساحة أكثر نسبيا للقراءات المختلفة في أعمال الرسل عن التي كانت في أي كتاب آخر من العهد الجديد. وهناك زيدت مقدمة خاصة للظواهر النصية في كتاب أعمال الرسل، (انظر صفحات (222-236).

*وهناك نموذج شرقي للنص الذى كان يُسمى سابقا بالنص القيصري(Caesarean) : وهو محفوظ إلى حد أكبر أو أقل في عدة مخطوطات يونانية بما في ذلك (Θ, 565, 700) وفى النسخ الأرمينية والجورجية. إن النص في هؤلاء الشهود يتميز بمزيج من القراءات الغربية والسكندرية. بالرغم من أن

—————————————

ص7

البحوث الأخيرة قد مالت إلى التشكيك في وجود شكل خاص للنص القيصري. أما المخطوطات الفردية التي اُعتبرت سابقا أنها أعضاء للمجموعة، فقد ظلت شهودا مهمة في حد ذاتها. وهناك شكل شرقي آخر للنص جارى في وبالقرب من أنطاكية وهو محفوظ الآن بصورة رئيسية في الشهود السريانية القديمة. المسمى بالمخطوطات السينائية والكيرتونية  (the Sinaitic and the Curetonian) للأناجيل وفى مقتطفات للكتاب المقدس الواردة في أعمال أفراتيس وإفرايم (Aphraates and Ephraem).

* إن النص البيزنطي ويُسمى بطريقة أخرى النص السوري طبقا لـ (Westcott and Hort) ونص (Koine) كوين طبقا لـ(von Soden)  والنص الكنسي طبقا لـ(Lake )  والنص الأنطاكي طبقا لـ (Ropes) وهو في مجمله نوعا نصيا متأخرا عن الأنواع المتميزة العديدة الأخرى لنص العهد الجديد. والسمة الرئيسية له هي الوضوح والاكتمال. ولقد أراد واضعوا النص إلى أن يسهلوه بعيدا عن أي قسوة للغة، وأن يجمعوا اثنين أو أكثر من القراءات المتباينة إلى قراءة واحدة موسعة ” ويُسمى الدمج”، ولمجانسة الفقرات المتناظرة المتباعدة. وهذا النص المختلط ربما نتج في أنطاكية في سوريا وقد اُخذ إلى القسطنطينية. من حيث قد وُزع على نطاق واسع فى كافة أنحاء الإمبراطورية البيزنطية وأفضل ممثل له اليوم هي المخطوطة السكندرية (في الأناجيل وليس في أعمال الرسل أو الرسائل أو الرؤيا) ومخطوطات تالية بأحرف كبيرة متصلة، وحشد كبير من مخطوطات الأحرف الصغيرة. وهكذا باستثناء بعض المخطوطات العرضية التي صادف أن حافظت على الأشكال الأبكر للنص، فإن النص البيزنطي خلال الفترة من حوالى القرن السادس أو السابع وصولا إلى اختراع الطباعة بالشكل المتحرك (حوالي 1450-56)، تم اعتباره عموما هو الشكل الرسمي للنص وأنه النص الأوسع انتشارا وقبولا.

* فبعدما قامت مطبعة جوتنبيرج (Gutenberg) بإنتاج الكتب بأكثر سرعة وبالتالي بأقل تكلفة مما كان ممكنا من خلال النسخ اليدوية، أصبح النص البيزنطي المغشوش هو النموذج القياسي للعهد الجديد في الإصدارات المطبوعة. وهذا الموقف المؤسف لم يكن غير متوقع تماما، لأن المخطوطات اليونانية من العهد الجديد التي كانت الأكثر توافرا بسهولة لأوائل المحررين والطابعات هي تلك التي احتوت على النص البيزنطي الفاسد.

——————————————-

ص8

* إن الإصدار الأول المنشور لطبعة العهد الجديد اليوناني قد نُشر في (بازلBasel ) في عام (1516) وقد اُعد بواسطة (Desiderius Erasmus) ديسيدرياس إيرازموس العالم الإنساني الهولندي. وحيث أن إيراسموس لم يستطع أن يجد مخطوطة تحتوي على العهد الجديد اليوناني بأكمله، لذا فقد استخدم عددا من المخطوطات للأقسام المختلفة للعهد الجديد. وبالنسبة للجزء الأكبر من النص الذي قدمه فقد اعتمد على مخطوطتين في الواقع دون المستوى في مكتبة الجامعة في بازل Basel الآن، واحدة في الأناجيل وواحدة في أعمال الرسل والرسائل وكلاهما يرجع تاريخهما إلى حوالي القرن الثاني عشر. ولقد قارنهم (ايراسموس) مع اثنين أو ثلاثة آخرين وأدخل التصحيحات العرضية في الهوامش أو ما بين سطور النسخة المعطاة للطباعة. وكان لسفر الرؤيا فقط مخطوطة واحدة يرجع تاريخها إلى القرن الثاني عشر التي كان قد اقترضها من صديقه روشلين (Reuchlin)، وحدث أن افتقرت هذه النسخة إلى الورقة النهائية التي تحتوي على الست أعداد الأخيرة من الكتاب. ولهذه الأعداد اعتمد إيراسموس على (الفولجاتا اللاتينية لجيروم) (Jerome’s Latin Vulgate) وتُرجمت هذه الصفحة إلى اليونانية. وكما كان متوقعا من مثل هذا الإجراء هنا وهناك في إعادة بناء ايراسموس لهذه الأعداد، فقد نتجت قراءات عديدة لم تكن موجودة من قبل في أي مخطوطة يونانية. ولكنها هي التي لا تزال مخلدة إلى اليوم في الطبعات المسماة بالنص المستلم للعهد الجديد اليوناني (انظر التعليق في رؤيا Rev. 22.19). وفى أجزاء أخرى من العهد الجديد أدخل إيراسموس أيضا من حين لآخر داخل نصه اليوناني موادا مشتقة من الشكل الحالي من Latin Vulgate))  الفولجاتا اللاتينية، انظر التعليق في أعمال (9: 5-6).

* لقد كان الطلب كبيرا على العهد الجديد اليوناني لـ (ايراسموس) الذى كانت طبعته الأولى سرعان ما استُنفذت والثانية قد استُحضرت وكانت هذه الطبعة الثانية في (1519) والتي تم في بعضها (ولكن ليس كلها تقريبا) تصحيح الكثير من الأخطاء المطبعية للطبعة الأولى وهذه الطبعة الثانية هي التي استخدمها Martin Luther  مارتن لوثر وويليام تاندال William Tyndale كأساس لترجماتهم للعهد الجديد إلى الألمانية (1522) وإلى الانجليزية (1525).

* في السنوات التالية نشر العديد من المحررين الآخرين والمطابع إصدارات متنوعة للعهد اليوناني وجميعها قد أعاد إلى حد ما، إنتاج نفس الشكل للنص وتحديدا الذي حُفظ في المخطوطات البيزنطية المتأخرة. حتى عندما حدث وأن محررا قد حصل على مخطوطات أقدم، كما هو الحال عندما حصل تيودور بيزا (Theodore Beza) الصديق والخلف لـ كالفين (Calvin) في جنيف على مخطوطة من القرن الخامس والتي تسمى باسمه اليوم، بالإضافة إلى مخطوطة

————————————-

ص9

(Claromontanus)كلارومونتانوس من القرن السادس، فإنه لم يستخدمها إلا قليلا نسبيا، لأنها انحرفت بعيدا جدا عن شكل النص الذى أصبح المعيار في النسخ المتأخرة.

* والجدير بالذكر أن الطبعات الأولى للعهد الجديد اليوناني اشتملت على إصدارين لـ (Robert Etienne) روبرت إتيني المعروفة عموما تحت الشكل اللاتيني لاسمه  (Stephanus)استيفانوس الطباع الباريسي المشهور الذي انتقل إلى جينيف لاحقا وقدم لهم كل ما عنده فى جماعة البروتستانت لهذه المدينة. وفى عام 1550 نشر (Stephanus)  في باريس طبعته الثالثة (editio Regia) وهي طبعة الصفحات المطوية الرائعة، وهي تعتبر أول طبعة للعهد الجديد اليوناني تحتوي على أداة تعليقات نقدية فعلى الهوامش الداخلية لصفحاته قام ستيفانوس بإدخال (Stephanus) القراءات المختلفة من أربعة عشر مخطوطة يونانية بالإضافة إلى قراءات من نسخة مطبوعة أخرى وهي (Complutensian Polyglot) طبعة متعددة اللغات. ولقد احتوت طبعة ستيفانوس (Stephanus) الرابعة (جينيف 1551) على نسختين لاتينيتين ” الفولجاتا والترجمة التي من إيراسموس

(the Vulgate and that of Erasmus) وتعتبر جديرة بالملاحظة لأنه ولأول مرة قُسم نص العهد الجديد إلى (أعداد مرقمة).

* لقد نشر تيودور بيزا (Theodore Beza) مالا يقل عن تسع إصدارات للعهد اليوناني ما بين (1565-1640) وظهرت الطبعة العاشرة بشكل أخير في عام (1611). وتكمن الأهمية في عمل (Beza) في المدى الذي مالت إليه طبعاته في ترويج ومحاكاة ما عرف بـ النص المستلم (Textus Receptus). لقد استفاد مترجمي الإصدار الرسمي أو إنجيل الملك جيمس (King James) في عام (1611) بشكل كبير من طبعات (Beza) في عام (1588-1589) وفى عام (1598).

* إن مصطلح (Textus Receptus) النص المستلم الذي أطلق على نص العهد الجديد قد نشأ في تعبير قد اسُتعمل بواسطة بونافينتورا وإلزفير (Bonaventura and Elzevir) الذين كانت طبعاتهم في ليدن. ولقد احتوت مقدمة طبعتهم الثانية للعهد اليوناني في عام (1633) على جملة:

(Textum ergo habes, nunc ab omnibus receptum, in quo nihil immutatum aut corruptum damus) “ولذلك أنت (عزيزي القارئ) لديك الآن نص قد اسُتلم عن طريق الجميع والذي فيه لم يُعطى أي تغيير أو تحريف”. من ناحية، بدا أن هذا الادعاء الفخور من قبل إلزفير Elzevirs نيابة عن نسختهم له ما يبرره، لأن طبعتهم التي كانت في معظم النواحي لا تختلف عن تقريبا 160 طبعة أخرى من العهد الجديد المطبوع والتي صدرت منذ نُشر أول طبعة لـ إيرازموس (Erasmus)  في عام (1516). لكن، بمعنى أكثر دقة، فان النموذج البيزنطي للنص اليوناني قد أُعيد استنساخه في جميع الإصدارات الأولى المطبوعة وكانت مشوهه كما ذُكر أعلاه ومن خلال التراكم

——————————————–

ص10

على مر القرون لعدد كبير من التعديلات النسخية. الكثير منها قليل الأهمية ولكن بعضها له عواقب كبيرة.

* لقد كان النموذج البيزنطي الفاسد للنص والذى قدم الأساس تقريبا لكل ترجمات العهد الجديد إلى اللغات الحديثة وصولا إلى القرن التاسع عشر. وخلال القرن الثامن عشر جمع العلماء كمية كبيرة من المعلومات من العديد من المخطوطات اليونانية وكذلك من الترجمات القديمة والشواهد الآبائية. ولكن باستثناء ثلاثة أو أربعة من المحررين الذين صححوا باستحياء بعض من الأخطاء الصاخبة جدا من النص المستلم، (Textus Receptus) فهذا النموذج المغشوش لنص العهد الجديد قد أُعيد طبعة في إصدار بعد إصدار. ولقد كان فقط فى الجزء الأول من القرن التاسع عشر (1831) أن العالم الألماني الكلاسيكي لاتشمان(Karl Lachmann)  قد غامر بتطبيق المعايير التي استخدمها في تحرير نصوص الكلاسيكيين على العهد الجديد. بعد ذلك ظهرت طبعات نقدية أخرى, بما في ذلك تلك التي أُعدها قسطنطين تشيندورف (Constantin von Tischendorf) والذي ظلت طبعته الثامنة (1869-1872) الموسوعة الضخمة للقراءات المختلفة. كذلك النسخة المؤثرة المعدة من قبل عالمين من جامعة كمبردج هما ويستكوت وهورت (B. F. Westcott and F. J. A. Hort) (1881).  وتُعتبر هي الطبعة الأخيرة التي تم اتخاذها كأساس لطبعة جمعيات الكتاب المقدس المتحدة الحالية. فخلال القرن العشرين ومع اكتشاف العديد من مخطوطات العهد الجديد التي تُعتبر أبكر بكثير من أي من التي كانت متاحة حينئذ، فقد أصبح من الممكن إنتاج طبعات للعهد الجديد والتي تقترب عن قرب أكثر من التي تُعتبر كصيغة الوثائق الأصلية.

* المعايير المستخدمة في الاختيار بين القراءات المتعارضة في شهود العهد الجديد:-

* في المقطع السابق سيرى القارئ كيف خلال أربعة عشر قرنا عندما نُقل العهد الجديد في النسخ اليدوية وقد أُدخلت تغيرات وزيادات عديدة إلى النص. فما يقرب من خمسة آلاف مخطوطة يونانية من كل أو جزء من العهد الجديد التي تُعرف اليوم، ولا يتفق اثنان منها تماما في جميع التفاصيل. في مواجهة حشد من القراءات المتعارضة فيجب على المحررين أن يقرروا أي الاختلافات تستحق أن تُدرج في النص وأيها التي يجب أن تُزال إلى الأداة النصية وعلى الرغم من أنه في بادئ الأمر قد يبدو أن تكون المهمة يائسة ومستحيلة وسط العديد من آلاف

————————————–

ص11

القراءات المختلفة لفرز تلك التي ينبغي أن تُعتبر كالأصلية، إلا أن علماء النصوص قد طوروا بشكل عام بعض المعايير المعترف بها للتقييم. وسيتبين بأن هذه الاعتبارات تعتمد على الاحتمالات، وأحيانا يجب على الناقد النصي أن يزن مجموعة معينة من الاحتمالات مقابل أخرى. علاوة على ذلك، فينبغي على القارئ أن يُنصح في البداية أنه على الرغم من أن المعايير التالية قد رُسمت في شكل مخطط ومرتب إلى حد ما، إلا أن تطبيقها لا يمكن أن يكون آليا أو نمطيا. فان نطاق وتعقيد البيانات النصية يكون كبيرا جدا لدرجة أنه لا يمكن تطبيق أي مجموعة من القواعد المرتبة بدقة أو مفعلة ميكانيكيا كما في دقة الرياضيات. فكل قراءة مختلفة ينبغي أن تدرس بذاتها، ولا يحكم عليها فقط وفقًا لقاعدة عامة. ومع أخذ هذه التعليقات التحذيرية في الاعتبار فسوف يُقدر القارئ أن خلاصة المعايير التالية تعنى فقط الوصف الملائم للاعتبارات الأكثر أهمية التي أخذتها اللجنة في الاعتبار عند الاختيار من بين القراءات المختلفة.

* إن الفئات الرئيسية أو أنواع المعايير والاعتبارات التي تساعد المرء في تقييم القيمة النسبية للقراءات المختلفة تتضمن:

(I)  الدليل الخارجي، الذى له علاقة مع المخطوطات نفسها.

(II)  الدليل الداخلي، والذى له علاقة بنوعين من الاعتبارات:-

أ‌-هذه التي تتعلق بالاحتمالات النسخية (على سبيل المثال المتعلقة بعادات الكتبة)

ب‌-تلك التي تتعلق بالاحتمالات الجوهرية (على سبيل المثال المتعلقة بأسلوب المؤلف).

* خلاصة المعايير:-

1-الدليل الخارجي. وتشمل الاعتبارات التي تؤثر على:

  • تاريخ وطبيعة الشهود. وبوجه عام. تُعتبر المخطوطات الأبكر من الأرجح أن تكون خالية من تلك الأخطاء التي تنشأ من تكرار النسخ، ومع ذلك فهناك ما هو أكبر أهمية من عمر الوثيقة نفسها، ألا وهو تاريخ وطبيعة نوع

——————————-

ص12

النص الذي تجسده الوثيقة. فضلا عن درجة العناية التي بذلها الناسخ أثناء إنتاجه المخطوطة.

ب- التوزيع الجغرافي للشهود الذين يدعمون الاختلاف. توافق الشهود فعلى سبيل المثال من أنطاكية والإسكندرية والغال فى إعطاء الدعم للاختلاف. مع تساوي الأشياء الأخرى، يكون أكثر أهمية من شهادة الشهود الممثلين فقط فى موضع واحد أو رؤية اكليروسية واحدة. ومع ذلك، فمن ناحية أخرى يجب على المرء أن يكون متأكدا من أن الشهود البعيدين جغرافيا هم حقا مستقلين عن بعضهم البعض. فالاتفاقات على سبيل المثال بين شهود اللاتينية القديمة وشهود السريانية القديمة أحيانا قد تكون راجعة إلى التأثير المشترك من (Tatian’s Diatessaron) دياطسرون تاتيان.

ج-العلاقة الأنسابية للنصوص وعائلات الشهود. فمجرد أعداد الشهود الداعمة لقراءة مختلفة معطاة لا يثبت بالضرورة رجحان هذه القراءة. فعلى سبيل المثال، لو هناك جملة قراءة معطاة (x) مدعومة عن طريق عشرين مخطوطة وقراءة (y) مدعومة عن طريق مخطوطة واحدة فقط. فان النسبية العددية التي تدعم تفضيل (x) تحسب لأشيء ولو أن كل العشرين مخطوطة تم اكتشاف أنهم كانوا نسخا أنتجت من مخطوطة مفردة واحدة. والتي لم تعد موجودة، حيث قدم كاتبها لأول مرة هذه النوعية الخاصة من القراءة المختلفة. فالمقارنة في هذه الحالة يجب أن تتم بين المخطوطة الواحدة التي تحتوي على القراءة (y) والسلف الوحيد للعشرين مخطوطة المحتوية على القراءة (x).

د- يُقدر الشهود بوزنهم بدلا من عددهم. وهذا المبدأ المنصوص عليه يحتاج إلى تفصيل. فهؤلاء الشهود الذين وُجد أنهم بشكل عام جديرون بالثقة في قضايا محددة (واضحة المعالم)، فسوف يستحقون أن يمنحوا القيمة المهيمنة في الحالات الأخرى التي تكون في مشاكل نصية غامضة والقرارات فيها غير مؤكدة. ومع ذلك في نفس الوقت، حيث أن القيمة النسبية لعدة أنواع من الأدلة تختلف في أنواع الاختلافات النصية المختلفة، فيجب ألا يكون مجرد تقييم ميكانيكي للأدلة.

2-الدليل الداخلي: ويتضمن نوعين من الاحتمالات:

((أ)) تعتمد الاحتمالية النسخية على اعتبارات عادات النساخ وعلى الخصائص الحفرية الموجودة في المخطوطات.

1) تُعتبر القراءة الأكثر صعوبة هي المفضلة، خصوصا عندما يبدو أن المعنى الظاهر على السطح كأنه خاطئ، ولكن مع اعتبار

——————————————

ص13

أكثر نضجا يثبت بنفسه أنه صحيح. (هنا أكثر صعوبة تعنى ” أكثر صعوبة على الناسخ” الذي سيتفنن بجعله صحيحا. إن السمة المميزة لمعظم تصحيحات النساخ هي سطحيتهم وغالبا ما يجمع بين (ظهور التحسن مع غياب واقعيته) ومن الواضح أن فئة (القراءة الأكثر صعوبة) نسبية وأحيانا يتم التوصل إلى الغاية عندما يحكم على قراءة أنها صعبة جدا لدرجة أنها قد تظهر فقط عن طريق الصدفة في النسخ.

2) بصفة عامة فان القراءة الأقصر هي ما تُفضل:

أ‌-قد يحدث زيادة في الخطأ البصرى بسببhomoeoarcton) ) الكلمات ذات البدايات الواحدة أو الكلمات ذات النهايات الواحدة (homoeoteleuton) فعلى سبيل المثال. قد تمر عين الناسخ عن غير قصد من كلمة واحدة لأخرى لديها حروف متشابهة متتالية.

ب‌-أو حيث يكون الناسخ قد حذف مادة ربما يعتبرها:

  • زائدة او غير ضرورية
  • قاسية
  • مخالفة للاعتقاد الديني أو الاستعمال الطقسي أو ممارسة الزهد.

3) حيث أن النساخ قد حولوا كثيرا من المقاطع المتنافرة إلى المجانسة مع بعضهم البعض في الفقرات المتناظرة (سواء أكانت مقتطفات من العهد القديم أو روايات مختلفة في الإنجيل لنفس الحدث أو القصة) فتلك القراءة التي تتضمن الانشقاق اللفظي عادة ما تكون مفضلة عن التي هي متوافقة لفظيا.

4) يقوم الكتبة في بعض الأحيان: –

أ‌-استبدال كلمة غير مألوفة بمرادفات أكثر ألفة.

ب‌-بتغيير شكل نحوي أقل دقة أو تعبير معجمي أقل أناقة، بما يتوافق مع العلية الأتيكية المعاصرة (Atticizing)

ت‌-أو إضافة الضمائر وحروف العطف وكلمات حشوية لجعل النص أكثر سلاسة.

((ب)) تعتمد الاحتمالات الجوهرية على اعتبارات ماذا يكون المؤلف عساه قد كتب على أكثر احتمال. ويأخذ الناقد النصي في الاعتبار ما يلي.

1-بصفة عامة

———————————–

ص14

ا) أسلوب ومفردات المؤلف في جميع أنحاء الكتاب.

ب) السياق المباشر.

ج) المجانسة مع استخدامات المؤلف في مكان آخر.

2-في الانجيل: –

ا) الخلفية الآرامية لتعاليم السيد المسيح

ب) الأسبقية للإنجيل تبعا لـ مرقص

ج) تأثير المجتمع المسيحي على صياغة وانتقال الفقرة محل التساؤل.

* فمن الواضح أنه ليس كل هذه المعايير قابلة للتطبيق في كل حالة. فيجب على الناقد النصي أن يعرف متى يكون من المناسب أن يعطى اعتبارا أكبر لنوع ما من الأدلة واعتبارا أقل إلى آخر. فمنذ أن أصبح النقد النصي مهارة بالإضافة إلى أنه علم، فإنه لأمر حتمي في بعض الحالات أن العلماء المختلفين سيصلون إلى تقييمات مختلفة لأهمية الدليل. فهذا الاختلاف أمر حتمي تقريبا عندما، كما يحدث في بعض الأحيان، يكون الدليل منقسم بشدة مثل على سبيل المثال، أن توجد القراءة الأكثر صعوبة فقط في الشهود اللاحقين أو القراءة الأطول تكون موجودة فقط في الشهود الأبكر.

* لكى تتم الإشارة إلى الدرجة النسبية لليقين في عقل اللجنة لقراءة ما تم اعتمادها كنص، يكون ذلك بإدراج حروف معروفة داخل الأقواس في بداية كل مجموعة من الاختلافات النصية.

فحرف{A} يشير إلى أن النص مؤكد بينما حرف{B} يشير إلى أن النص شبه مؤكد (تقريبا)، والحرف {C} يشير إلى أن اللجنة تجد صعوبة في تحديد أي الاختلافات لتضعه في النص، أما الحرف {D} الذي لا يحدث إلا نادرا ويشير إلى أن اللجنة لديها صعوبة كبيرة في الوصول لقرار. فى الواقع من بين القرارات بكتابة حرف {D} أحيانا لا أحد من القراءات المختلفة تُزكى نفسها كالأصلية، وبالتالي فكان الملاذ الوحيد أن تُطبع أقل قراءة في عدم الرضا.

ثالثا: قائمة بالشهود حسب النوع النصي لها

فيما يلي بعض الشهود الأكثر أهمية على نص العهد الجديد مرتبة في قوائم وفقًا

——————————————

ص15

لنوع النص السائد الذي يعرضه كل شاهد. ويلاحظ أنه في بعض الحالات، تنتمي أقسام مختلفة من العهد الجديد ضمن نفس الشاهد إلى أنواع نصوص مختلفة.

الشهود السكندريون

1-سكندري ابتدائي:

P45  (في أعمال الرسل) P46  P66 P75 א B، الصعيدية (جزئيا)، اكليمندوس السكندري، أوريجانوس (جزئيا)، ومعظم قصاصات البرديات التي بها نصوص لـ بولس.

2-سكندري ثانوي:

في الأناجيل: (C) L T (X) Z X 33 579 892 1241، D (في مرقص)، W (في لوقا 1: 1 إلى 8: 12، ويوحنا)، Y  (في مرقص؛ جزئيا في لوقا ويوحنا)، والبحيرية.

في أعمال الرسل: A (C) Y 81 104 326، 33  (11: 26-28: 31)

في رسائل بولس: A (C) H I Y 33 81 104 326 1739.

في الرسائل الكاثوليكية: P20 P23 A (C) Y 33 81 104 326 1739.

في سفر الرؤيا: A (C) 1006 1611 1854 2053 2344؛ وأقل جودة، P47 א.

الشهود الغربيون

في الأناجيل: P69 א (في يوحنا 1: 1-8: 38) D 0171 W (في مرقص 1: 1-5: 30)، اللاتينية القديمة، (syrs، syrc جزئيا)، الآباء اللاتينيين الأوائل.

في أعمال الرسل: P29 P38 P48 D E 383 614 1739 syrhmg syrpalms CopG67، الآباء اللاتينيين الأوائل، الإفرايمية.

في الرسائل: ثنائيو اللغة اليونانية – اللاتينية D F G، الآباء اليونانيين حتى نهاية القرن الثالث، إرم اللاتينية القديمة، الآباء اللاتينيين الأوائل.

سيلاحظ أنه بالنسبة لسفر الرؤيا لم يتم التعرف على شهود غربيين على وجه التحديد.

الشهود البيزنطيون

في الأناجيل: A E F G H K P S V P W (في متى ولوقا 8: 13-24: 53)، Y (جزئيا في لوقا ويوحنا)، W ومعظم مخطوطات الأحرف الصغيرة.

——————————————–

ص16

في أعمال الرسل: H L P 049 ومعظم مخطوطات الأحرف الصغيرة.

في الرسائل: L 049 ومعظم مخطوطات الأحرف الصغيرة.

في سفر الرؤيا: 046 051 052 ومعظم مخطوطات الأحرف الصغيرة.

في تقييم قوائم الشهود السابقة هناك تعليقان مناسبان. (أ) لا تشمل الجداول إلا الشهود المعترف بهم عمومًا بشكل أو بآخر بأنهم الممثلون الرئيسيون لأنواع النصوص المتعددة. وفي بعض الأحيان، يتم تعيين شهود إضافيين إلى فئة أو أخرى.

(ب) بينما يُشجَّع القارئ على الرجوع من وقت لآخر من التعليق إلى قوائم الشهود المذكورة أعلاه، يجب ألا يُفترض أبدًا أن تكافؤ الدعم الخارجي لمجموعتين منفصلتين من القراءات المختلفة يتطلب أحكامًا متطابقة فيما يتعلق بالنص الأصلي. على الرغم من أن الدليل الخارجي لمجموعتين من القراءات المتباينة قد يكون هو نفسه تمامًا، إلا أن اعتبارات الاحتمالات النسخية و/ أو الجوهرية للقراءات قد تؤدي إلى أحكام متنوعة تمامًا فيما يتعلق بالنص الأصلي. هذه، بالطبع، ليست سوى طريقة أخرى للقول بأن النقد النصي هو فن وكذلك علم، ويتطلب تقييم كل مجموعة من الاختلافات في ضوء الاعتبار الكامل لكل من الأدلة الخارجية والاحتمالات الداخلية.